الأحد، 5 نوفمبر 2006

الخلط الفكري لدى باسكال بونيفاس

أنشر هنا المقتطفات من عمود طويل كرسته لمقالي حول كتاب "أوقفوا النار" ، وهو كتاب يتضمّن مُقابلات حيث باسكال بونيفاس و إليزابيث شيملا يتقارعون السيوف. الجزء الأول من هذا العمود لا يعكس وجهات نظري، ولكن وجهة نظر المؤلفين. ولكن في المقال هذه هي الفقرة التي ردّ عليها باسكال بونيفاس ... بسوء نية واضحت جعلتني أندم على نشر السطور الأول من مقالي هذا.




"هذا الكتاب يساعد على استعادة بعض الفوارق البسيطة التي حاول التوتر والدعاية مسحها منذ عام 2000. باسكال بونيفاس ليس بقبيح أو بمعادي للسامية ولا هو إسلاموي بغيض. ومثله مثل اليزابيث شيملا ، فلاهي بغيضة تكره الإسلام أو هي عميلة للموساد. لكنهم متتبعين مهتمين، ذو حساسيات مختلفة. تحليلاتهم تقوم بإثراء النقاش العام الذي يجب أن يكون متناسبا مع التركيبات المعقدة للعالم. وليس بالسهل اللمس بالأصابع هذه القضايا المعقدة ولا شك هذا ما يميز هذا الكتاب. لم يكن الأمر سهلا. وكثيرا ما فكر المؤلفون التنازل عن هذا العمل طالما التوتر وسوء الفهم من شانه ان يولد قلة الصبر،وفي الأخير انعدام الاتزّان مما يُحيل دون تحقيق أهداف هذا اللقاء. ولكن ثابروا فوصلوا. شكرا لهم على حد سواء لهذه المساهمة. لأنها تعطينا الأمل في إحياء مناظرات، أجوائها خالية من محاكمات النوايا لصالح مواجهات سليمة وصريحة.

ولكن بما أننا جميعا نريد تدشين أجواء من النقاش الأكثر صدقا ممكن، أود هنا تصحيح محاكمة النوايا التي جاءت على فم باسكال بونيفاس حول شخصي في (صفحة 235). ليس في أي صفحة. بل عندما حثت اليزابيث شيملا، الباحث باسكال بونيفاس على إعطاء أمثلة تبين أن وسائل الإعلام تتسم ب"الإسلاموفوبيا" و عدوانية اتجاه الإسلام وتتآمر لتلويح إلى أن هناك أصولي او متطرف وراء كل مسلم. وقد شرح باسكال بونيفاس، وهو مُحرَج ، في نهاية المطاف إلى أن إعطاء جائزة الكتاب السياسي لكتاب فضيلة عمارة وكتابي، "الإغراء الظلامي"، تشهد على هذا المناخ المسموم. وعلى مشروع خفي.

" امرأة شابة تدّعي انتسابها الى اليسار، وهي متحمسة الى الدفاع عن الحريات والعلمانية، الأمر الذي جعل كتابها الناجح ضد طارق رمضان هو تعزيز وازن في إطار المعركة الأيديولوجية ضد لإسلاموية. كما أنها تدين بمبالغة حسب رأيي، تحالف بعض الحركات اليسارية مع الإسلاموية. فهي مُجنّدة تستحق المكافأة. "
لست متأكدة من فك الغاز أوتشفير جميع مضامين هذه التلميحات في خطابه، المُسيطر عليها بعناية، مثل هذا الحكم او الجملة. فانا مُجندة؟ مِن مَن ؟ لحساب أي شبكة محظورة من المفترض أنني أشتغل بها؟ هل يجب عليّ أن أضع هذه التلميحات بالتوازي مع اتهامات "بالصهيونية" المعلنة من قبل طارق رمضان ضدي منذ أن تجرأت لمهاجمة "الإسلامويين" وخصوصا مهاجمته هو بالذات؟ ومع ذلك فهذه الاتهامات سهلة ومألوفة، لكنها تستدعي بعض الشروحات المضبطة. فأنا كصحفية متخصصة في دراسة الأصولية، أشتغل على كل الأصوليات اليهودية والمسيحية والمسلمة. أمّا الصهيونية فلا، فهي لا تدخل في حد ذاتها، في مجال التطبيقي الذي يخصّني. في الواقع، ليست في الحقيقة جزء من مراكز اهتماماتي *، وأنا أعترف بذلك وبخجل. فالصراع في السودان، على سبيل المثال، يبدو لي أكثر فتكا في الوقت الحاضر. فل نكون صادقين، لا يختلف رأيي في هذا الصراع عن رأي الأغلبية الساحقة من المواطنين."دولتين لشعبين"، وبسرعة. فدوافع صحافتي الملتزمة تتمثّل حقا في الدّفاع عن الحرية وبشكل مستقل. أنا "لا أدّعي" انّني من اليسار انا حقا يسارية (وإن كان ذلك سوف يحز في خاطر باسكال بونيفاس).

وفي فقرات أخرى، استكمل باسكال بونيفاس تلميحاته "فوريست تدين الإرهاب والراديكالية الإسلاموية، وأنا أيضا، لكنها لم تقل كلمة واحدة عن أسباب هذا التصعيد. وبطبيعة الحال، فهي لم تدين، في أي وقت من الأوقات، وحتى بنصف كلمة، الاحتلال العسكري لإسرائيل والولايات المتحدة الامريكية وآثارها. هل كل هذه "التقديرات" في المعلومات وهذا فرط في التبسيط يستحق جائزة؟ أنا لا أعتقد ذلك. "

من الواضح أن باسكال بونيفاس لم يكلّف نفسه عناء قراءة كتبي قبل تشويه سُمعة عملي. انه لا يعرف، أو يدعي أن يتجاهل أن كتاب "العلمانية على محك الأصوليات اليهودية والمسيحية والإسلامية " (كتبته بالاشتراك مع فياميتا فينر) - والذي ظهر في عام 2003 من بين الثلاثة كتب الذين وصلوا الى النهائيات وقد تم اختيارهم من قبل لجنة تحكيم جائزة السياسية للكتاب - يحلِّل بدقة العوامل الجيوسياسية ويشرح الصعود التاريخي للإسلاموية ويرفض القراءة التي تجعل من الإسلام كدين مصدر هذا التعصب السياسي. في نفس الكتاب، وفي مقالاتي في "تشارلي ابدو" وفي تدخلاتي في البرامج التلفازية، انتقدت مرارا وتكرارا هذا النوع من التوسع الاستعماري للأصوليين اليهود و المسيانية المسيحية الخطيرة التي تؤطر التدخل الأمريكي في العراق (والتي عارضتها بشدة والنتيجة بررت مخاوفي). فباسكال بونيفاس يعلم كيف يُقنع عندما يُحذّر من شرور محاكمة النوايا. لكنه ييتماطل عندما يتبين انه غير قادر بالمرة تطبيق هذا الانضباط الذي ينتظره من غيره على نفسه.

كارولين فوريست 05 نومبر 2006

* ملحوظة صغيرة على أعقاب الهجمات التي نتجت عن هذه الجملة: هذا النص يرجع تاريخه الى سنة 2006، في أوج أزمة السودان ... وهذا لا يعني أنني لست مبالية كإنسانة لهذا النزاع، ولكن ببساطة أريد فصل قضية الأصولية من مسألة القضية الإسرائيلية الفلسطينية. لهذا السبب، اشتغلت بكل ما في وسعي للإبتعاد عن هذا الموضوع ، حتى لا تتداخل مع رسالتي، التي تهذف جميع التيارات الأصولية. ولهذا الموقف  حدودا طبعا. فعندما دُعيت لمناقشة الأحداث الجارية عبر شاشة التلفزيون، وخصوصا خلال مأساة غزة في ديسمبر كانون الاول، واستنكرت مقتل مدنيين فلسطينيين التي تُبعد إسرائيل عن "الإنسانية". ولا سيما ضد المحامي وليام كولدانيل . وأنا أحاول تبليغ كلمة الجمعيات السِّلميّة مثل "السلام الآن"، فقد اتهمت ب"الخائنة" من قبل صقور إسرائيل.


https://carolinefourest.wordpress.com/2006/11/05/les-amalgames-de-pascal-boniface/