السبت، 22 يوليو 2017

"آه، ماذا لو كان الاله مثلي الجنس"

تخليد لهذا الحدث. كريدي فوطو: المجلس البريطاني للمسلمين القدماء


في وقت ليس ببعيد، ولمواجهة المتعصبين المناهضين للإجهاض، ردّد مناهضي الفاشية وهم يهتفون "ماذا لو عاشت مريم حالة اجهاض، فلن نعيش كلّ هذا الهراء". كان اليسار حينها في قمّته مُوحّد ضد الظلامية.

اليوم يجب أن تكون انتحاريا لتدندن بجرأة "آه، لو كان الاله مثلي الجنس، ستنقص حدّة  هذا الهراء ". ورغم ذلك ... فلو كان الاله مثلي الجنس، ستقلّ حدّة العنف في العالم وسيصبح أكثر تسامحا. ولن يُشنق المثليون جنسيا في إيران. ولن يُرمى بهم من فوق أسطح المنازل في الأراضي التي تسيطر عليها حماس أو داعش. ولن يتم طردهم من الشيشان حتى "نستطيع –كما جاء على لسان قديروف - تنقية الدّم الشيشاني" و "التقرب بذلك من الله". وفي برلين، لن تتلقى احدى المساجد الليبرالية تهديدات بالقتل بسبب الوعض بالتسامح اتجاه المسلمين المثليين جنسيا. وجانبا، لن يحاول شاب باكستاني يُدعى "جاهد تشودوري" الانتحار، وهو مثلي الجنس يبلغ من العمر 24 عاما، إثر تعرضه لهجوم من قبل مواطنين من بلدته وسط لندن وطرده من المسجد الذي يعبد الله فيه. فالإشارة الوحيدة التي تُثبت انه يعيش في ديمقراطية منفتحة، وليس في باكستان، هي عقد قرانه مع رفيقه مؤخرا.

نعم، لأنه إذا كان الاله مثلي الجنس، سيعيش حتما حالة حب، وسيكون أكثر سعادة ... غير انه أرجوكم لا تبوحوا بهذا السر، فسوف تُتّهمون "بالإسلاموفوبيا". خاصّة، وهذا ما هو محزن، إذا كنت تتغنى بها في مسيرة فخر المثليين.

مريم نمازي وأصدقاءها من "المجلس البريطاني للمسلمين القدماء" عاشوا التجربة مؤخرا. معظمهم فروا من إيران أو باكستان للجوء إلى أوروبا بسبب تعصُّب المتطرفين. متباين الجنس كانوا او مثلي الجنس، لديهم قواسم مشتركة ألا وهو الحلم بعالم أفضل، أقل عنصرية، أقل جنسانية وأقل خوف من المثليين، وبالتالي أيضا أقل تعصّب. ففي 9 تموز الأخير قاموا بالاستعراض في مسيرة الفخر وقد رُسمت على نهودهن ألوان القوس قزح أو آخرون أكثر احتشاما مرتديين أقمصة فقط. فتحت طريق الموكب اعداد مهمة من أعضاء الشرطة المثلي الجنس، جاءوا للاحتفال بالحرية والفرح في أزقة نزفت جراء سلسلة الهجمات التي تعرضت اليها مؤخرا. "أنتم تمثلون أفضل ردّ على الكراهية"، هكذا علّق عُمدة لندن، ساديق كان، اتجاه هُتاف الحشد.

ومن بين المشاركين في المسيرة، لم يجسّد احد أفضل بديلا للكراهية والعنصرية والتعصب بقدر ما جسّده الملحدين من ثقافة مسلمة وهم يدافعون عن الحق في الحب الذي يتعدى حدود البلدان. عبروا به عبرلافتات تصرخ "الاله مثلي الجنس"، "مسلم قديم وفخور بذلك"، "أرجعوا الحقوق للمثليين جنسيا في العالم"، "أدينوا القوانين المعادية للمثليين"، "اللعنة لرهاب الجنسية المثلية الإسلاموية " أو "الإسلاموفوبيا هو التناقض ".

شعارات لها تاريخ وأسباب النزول. العديد من هؤلاء النشطاء من اصول باكستانية اختبروا في أجسادهم وبدمهم عنف القوانين المضادة للتجديف الدّيني. إنهم يعرفون عن ظهر قلب خطر هذه الكلمة المُربكة التي تُحدث الخلط بين انتقاد الدين وشكل من أشكال العنصرية. غير انه إذا استطاعت هذه الاّفتات رسم ابتسامة على مُحَيّا معظم المتظاهرين، فلم تجدها الشرطة الإنجليزية مُسلّية، وأبدت مرعوبة من فكرة اعتبارمضمونها إساءة أو موضع استهجان من قبل البعض. وهذا ما حدث بالفعل.

قام مسجد شرق لندن يوم المسيرة، وهو مسجد يتلقى الدّعاة الذين يكنّون كراهية للمثليين، قام بالتنديد ب"الإسلاموفوبيا" قبل ان يُقدم شكوى بتهمة "التحريض على الكراهية". وجاء بسوء نيته المعتادة. وشوه مضمون لافتات الجمعية جاعلا الناس يعتقدون انه كتبت عليها "اللّعنة للإسلام" وليس "اللّعنة لرهاب الجنسية المثلية الإسلاموية". وكان الهدف من ذلك هو الحرص على خلط الأوراق وجعل النشطاء المدافعين عن المساواة لا يُميّزون بين الإلحاد والعنصرية.

بنغو ! لقد اصابوا!  لقد أقدم القائمون على مسيرة الفخر بلندن بتبليغ المسجد الذي قدّم الشكوى ... أنهم سيقومون بالتحقيق في الأمر! "نحن لا نود السمّاح بممارسات ذات طابع إسلاموفوبي"، كما صرّح أحد المتحدثين باسم المسيرة وهو فخور بنفسه. حتى دأُب المحقق الشاب يتدارس العقوبات التي ينوي تطبيقها: "سنقرّر ما إذا سيتم السّماح للمجلس البريطاني للمسلمين القدماء المشاركة في مسيرة العام المقبل ام لا". بكل بساطة.

هذا إشعار للمطرودين، أنصار التسامح مع التعصّب واستبعاد مقاومي الكراهية. ففي المستقبل، إذا تمّ استبعاد الملحدين المناضلين ضد الأموفوبيا الدينية - يدفعون ثمنها بحياتهم - لإرضاء الأصوليين، فهذه هي الشعارات الجديدة التي قد تسمعونها: "آه، إذا كان كل المثليون جنسيا أغبياء الى هذا الحد، فسوف يقل هراء معادي الجنسية المثلية ".

كارولين فوريست


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق