الأحد، 9 يوليو 2017

سيمون وثورة الأجسام الحرة


 يتم قياس قوة الانتصارات بالمقاومة التي تثيرها. فالإفراج عن أجساد النساء من خطر الحمل غير المرغوب فيه هو من بين أعظم الخطوات التقدمية التي تم الاحراز عليها في القرن العشرين. خطوة أكبر من الخطوة التي خطاها الانسان فوق سطح القمر، مما يُفقد صواب جميع المتعصبين والمنتمين الى القرون الوسطى والخاضعين للقضاء والقدر الإلهي أو الناجم عن الطبيعة. لأن قطع الاتصال بين الجنس والإنجاب تسبب في قطع سلسلة الرقيق التي تعتمد عليها الهيمنة العليا الذكورية.

مادام ليس باستطاعة النساء السيطرة على بطونهم، لن يستطعن السيطرة على مصيرهن. فحتى لا تصبح حاملة، فرض على المرأة منذ فترة طويلة ان لا تسقط في غرام أحد خارج إطار الزواج. عندما جاءت مرحلة التحرر الجنسي مؤخرا، لأنها كانت في مصلحة الرجال، وقع ثقل هذه الحرية على عاتق النساء. ولم تتساوى أجسادهم بأجساد الرجال الاّ بفضل منع الحمل المرتبط بإباحة الإجهاض. ولهذا أرهبت هذه الخطوات المتقدمة التي تم الاحراز عليها البطاركة.

يكفي النظر في ردود أفعال الكراهية عند التصويت على قانون "فيل" أو حتى بعد وفاة من دَفعت بهذا القانون. قام النواب الجبهة الوطنية بالتسلل خارج الحفل الذي قام به مجلس فرانش-مقاطعة إقليم بورغون لتخليد ذكراها. وفي عام 1986، عندما كان الحزب لا يتكون الا من 35 نائبا، يتمثل انجازهم الوحيد خلال ولايتهم في تشكيل مجموعة برلمانية معية كريستين بوتين ضد قانون "فيل". فبعد أن نجت من المحرقة النازية، قضت سيمون فيل حياتها تعاني من غضب من وصفتهم ب "فريق المخابرات النازية بأقدام صغيرة،" فجمعت بين اثنين من الكراهيتين الأكثر عنادا في العالم: كراهية النساء وكراهية اليهود.

وكانت التخصص اللافت للنظر للمنظمات المناهضة للإجهاض هو مقارنتها بالنازية. فعند الإعلان عن وفاتها، ذهبت مجموعة من شباب الاله لإعادة تدوير رسم قديم تُظهرها مصافحة لهتلر، تحت عنوان "قانون "فيل" واكثر من 6 ملايين من الضحايا". الفكرة تتجلى في محاربة بأي ثمن كان المحرقة حتى يتم اعتبار ظاهرة "فيل" نسبية، في حين تتهم ورثة المحرقة بالمسؤولين الحقيقيين عن هذه الإبادة. فن تحريفي من الطراز الرفيع والذي قام في بعض الأحيان بإحصاء عمليات الإجهاض حيث تم تقدير عددها ب40 مليون عملية. لقد اعتُبرت كل علاقة جنسية لم ينتج عنها إنجاب أطفال جريمة في حق الإنسانية. حتى طالبان أصبحوا أكثر تقدما فكريا في هذا المجال.


يعتبر الأصوليين الكاثوليكي مبدئيا، أكثر تشددا ضد الحق في الإجهاض من الإسلامويين. بمقتضى التوزيع السليم للأدوار، كل واحد منهم يضايق بمعرفته جزءا من أجزاء جسد المرأة. لا يفكر الإسلاميون الا في تغطية شعرها، في حين يهتم المسيحيون ببطنها. ففي الأمم المتحدة، وخاصة بعد مؤتمر القاهرة، أقنع الفاتيكان أخيرا الدول الإسلامية لمناهضة "امبريالية وسائل منع الحمل". يستشف من هذا الأمر مناهضة أي برنامج تنظيم الأسرة، والذي حاربوه جنبا إلى جنب، مع تحقيق نجاح مدمّر سمعنا عنه في بلدان مثل مصر. وقد أدى انفجار النمو الديمغرافي في تعطيل التعليم، ونقص المساكن وقلّة فرص الزواج، وزيادة كبيرة في البؤس الجنسي. إحباط يتم استغلاله بذكاء من قبل الإخوان المسلمين، الذين انضم ورثته الى الأصوليين الكاثوليكيين للبصق على جسد المتوفية سيمون فيل. غير قادر على ضبط نفسه عندما يتعلق الأمر بامرأة أو بيهود، وجه هاني رمضان تغريدة يتساءل فيها: "تكريم بقدر ما نشاء لهذا الناجية من النازية. ولكن كم من أطفال كانوا سيولدون ولم يولدوا منذ عام 1975 ؟ ". مرحبا بكم في عالم من تسبّب ضياع امتيازه الذكوري في فقدان عقلهم لكنه رغم ذلك وحّد بينهم.


قد نبتسم لهذا الأمر لو الجهود اليائسة لإنقاذ الهيمنة الذكورية المتعصبة اعلنت الهدنة. 
لسوء الحظ، فإن هذا العالم القديم لم يمض. بل يمكن احياؤها في أي وقت، طالما عدد اعداء النسوية في ازدياد مستمر، حتى داخل جسدها، لتمزيقه بمتياز. هذا هو الحال عندما تدّعي الجماعات تزعُّم "الحركة النسوية المتعدد الجوانب" والنسوية الأفريقية أو "النسوية الإسلاموية" بهدف اتهام الحركة النسوية بالعنصرية، مدعية الحق في الحجاب أو الدعارة، فيما يتم الدّفع بها الى التخلي عن التحرر العالمي. عقلية العبيد الحقيقية، التي يجب محاربتها بالتأكيد مع كل جيل ... تحت طائلة العودة للتقيّد بالسلاسل مرة أخرى.

كارولين فوريست

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق