الأحد، 5 مارس 2017

مهدي ملقات: الكوميديا ​​الربّانية



لسنوات، قبل وبعد 7 يناير واليسار التجمّعي يحارب اليسار العلماني الشّمولي ويتهمونه بالعنصرية. اليوم، كل شيء واضح. العنصرية ليست بين أنصار تشارلي، ولكن في تغريدات مكافحي تشارلي. فيسار انديجان الذي يدّعي المعاصرة وتتبّع "الإسلاموفوبيا" في كل مكان، يغضّ النظر في نفس الوقت عنالعبارات العنيفة والجنسانية، المعادية للمثليين ومناصرة للعنصرية، لمن تقوم بدعمهم وحمايتهم. لم تكن على دراية بما يجري كما صرّحت بذلك. عفوا لقد اتخذت خبرا بالأمر.... لكنها اعتبرته مجرد شعرا!




عندما لمحت بوادر الأيديولوجية المشكوك في أمرها لفريقها، وأنا لم أتمكن من مشاهدة الفيلم "ربّانية" (Divines ) معظم أصدقائي وجدوه جميلا ونابضا بالحياة. بطلته مشرقة على المسرح، وتستحق وبلا شك سيزار لأفضل أمل، على الرغم من  تغريداتها المعادية للمثليين، وتلك التي تقوم بنعت السود ب"الزنوج". فهي شابة، وربما تكبر. ولكن الوقت متأخرا بالنسبة لمديرة انتاج هذا الفيلم وهي تنشر رسما كاريكاتوريا يصوّر الإرهاب على شكل دمية تتلاعب بها أمريكا وإسرائيل، بعد هجمات 13 نوفمبر. نتخيل جليّا ان رسما يبين العلاقة بين قطر والإرهاب قد يصدم أكثر الصندوق القطري الذي موّل "ربّانية" ...

أحد رعاة الفيلم، لهذه الفرقة الصغيرة، مهدي مقلات، أخيرا تم الكشف عنه في نهاية المطاف: كاتب التغريدات الدنيئة ضد "الحاخامات تشارلي" وغيرها من أحلام سخيفة كمضاجعة شارب من مؤخرته بسكين من نوع"لاغيول". حاولت حينها الاضطلاع على إحدى الروايتين المشهود لها في المصلحة العمومية. فوقعت على شخصيات فظّة من معادي السامية والخوف من المثليين، حتى قواعد اللغة المستعملة في ذكر النساء مرتبطة بشكل منهجي مع "الكلبة" أو "عاهرة". لم أستوعب دواعي استدعائه لحضور برنامج "المكتبة الكبيرة"، ولكن فهمت أن مهدي مقلات كان على حق حين لعب بشكل بارع ورقة شاب الضّواحي. حتى لا يتم انتقاده بشدّة من قبل أقرانه.

ليس هناك كاتب شاب أو صحفي جاء من مدينة خارج مدينة باريس، ليخطاو خطواته الأولى في وسائل الإعلام الباريسية تمّت حمايته وتغنيجه بقدر ما تم تغنيج المهدي وبدرو في راديو فرنسا. لقد عانيت الأمرّين عندما كنت في سنّهم لكسب الحق في الكتابة في صحف الطّلبة وكنت احلم بالانضمام الى راديو فرنسا. عندما أدركت حلمي، ثلاثة عشر سنة بعد ذلك وبعد كتابة عشرات من الكتب، كان هذا الشاب مهدي بمثابة زميلا لي، خجولا جدا في الممرّات، ولكنه لا يتأخر عن اهانتي بطريقة المعادين للمثليين كلّما استطاع ذلك في تغريداته.

أنا لست الشخص الوحيد الذي عانى من "غرائزه". لقد عانتا صوفيا آرام وليا سلامه. انّه يُفضّل الصّحفيات العربية للإذاعة، فهما تحمّلتا بانتظام أوهامه من المضاجعة من الخلف او حتى الذبح. كنّا نتحدث عن هذا الأمر لمدى تأثّرنا من اكتسابه حق الإفلات من العقاب. زملائنا كانوا يضحكون ويرفعون كتفيهم مبرّرين هذا التصرّف ب: "إنهم شباب". وكنّا نعتقد أنهم يضيفون "...ومن الضواحي." اذ يبدو الأمر غريبا بالنسبة لنا. لانّ صوفيا (التي تطالبها الأوساط الفاشية اليوم بإدانة تغريدات مقلات!) وُلدت في تراب. ولكنّها لم تحلم أبدا بضاجعتنا من الخلف أو حتى ذبحنا.

لقد استمرّ هذه الغرابة لمدّة طويلة. واصلت تغريدات "التوأم الشرير" (الممتثلة جيّدا للالتزامات مؤلفها، نذكر منها على سبيل المثال تلك التي أرسلها لصالح التجمع ضد الإسلاموفوبيا) التي استمرت ما بعد الفترة التي ادّعوا أنها " ساخرة". في الآونة الأخيرة، اسم المستعار الرسمي للمهدي مقلات تأسّف لكون ألان فينكيلكروت لم يتعرض للضرب في ليلة الوقوف: "كان يجب كسر ساقيه لهذا ابن العاهرة". لكن ذلك لم يمنع زملاء فرنسا الثقافة من دعم الشاب المعجزة ومجلته تيلي رمضان. تلك المجلة التي من المفترض أن تندّد بالمعاملة الرّهيبة التي يتعرّض لها الإسلام من قبل وسائل الإعلام، والتي قامت بإعطاء الكلمة لمغني الراب الإسلاموي "مدين"، مؤلّف مقطع - "دونت لاييك" -لا تُعلمِن – والذي يحلم "بصلب العلمانية كما وقع في الجلجلة". ليس هذا أفضل ما يمكن القيام به لتحسين صورة الإسلام.

هؤلاء الزملاء (من راديو فرنسا) قاموا بإجلاء تلك التغريدات، التي تُحرّض على الكراهية وتدعوا لضرب أحد زملائهم، في جملة واحدة. هم نفسهم بطبيعة الحال الذين يجدون ان تشارلي وأولئك الذين يدافعون بشدّة نوعا ما عن العلمانية – كان اسمهم كارولين أو صوفيا أو محمد -  هُم على ما يبدو اشدّ دعاة الانشقاق .... لأننّا ببساطة يتم إهانتنا طوال اليوم من قبل أمثال مهدي مقلات وغيرهم من الأشخاص المجهولين. فهم وللأسف أطفال فاسدة ومدلّلة، بُغضاء ونرجسيين، الذي لم يعد اليسار التجمّعي يُشجعهم على لعب دور الضحايا، ولكن أيضا على التصرّف كطغاة.

كارولين فوريست

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق