الثلاثاء، 30 يونيو 2015

"منتزهات السلام - الحلم الأخير لنيلسون مانديلا"



ليست هناك طوباوية أكثر واقعية
من انتاج Zed / Images : كارولين فوريست، فياميتا فينير وكسافييه ليبيرمان





ما الذي دفع كارولين فوريست، الصحفية، لإنجاز تحقيق وثائقي عن "منتزهات السلام - الحلم الأخير لنيلسون مانديلا"؟ في هذه المقابلة، تحدثت كارولين فوريست إلى آرتي على نشأة هذا المشروع؟

آرتي تيما : ما الذي دفعكم لإنجاز فيلم وثائقي عن منتزهات السلام؟

كارولين فوريست: لسنوات، وفي كل مرة كنا ننتهي فيها من انجاز فيلم على مواضيع حساسة نوعا ما، سواء على اليمين المتطرف أو الإسلامويين، يسألوننا بكثير من الضحك "الا تردن العمل على مواضيع أقل صعوبة ؟ ". في كل مرة، كنا نتحدث عن هذا الموضوع: منتزهات السلام. فوافقت آرتي أخيرا، فتمكنا من إنجازه أخيرا. هذا فيلم طوباوي وإيجابي ولكن ليس ساذجا. يتحدث عن الطوباوية المتحركة، والتي تتحقق وتتقدم. وكانت منتزهات السلام تشكل الحلم الأخير لنيلسون مانديلا، أحد السياسيين القلائل الذي أعجبت حقا بشخصيتهم. أردت أن أبيّن هذا الجانب المثالي الغير معروف. فهو لم يقم فقط بحملة ضد النظام العنصري. بل كان يريد ايضا اسقاط الحدود الغير الازمة بين الدول لتوسيع المحميات الطبيعية.
آرتي تيما : هل يمكن ان توضحين لنا مبدئ منتزهات السلام؟
كارولين فوريست: منتزهات السلام يمكن أن تتراوح مساحتها من مساحة صغيرة أو حتى رباط رمزي – كالشريط الأخضر حول جدار برلين السابق – الى حديقة طبيعية ضخمة. في الفيلم نتحدث عن المنتزهات العابرة للحدود على وجه الخصوص: هذه المناطق الطبيعية التي تربط بين الدول والتي نزيل عنها الحدود للسماح بالمرور للبشر والحيوانات. هذا لا يساعد فقط على بناء علاقات بين هذه الدول، والتي ربما عرفت صراعات حول حدودها أو صراعات سياسية، مثل جنوب أفريقيا وزيمبابوي وموزمبيق، ولكن أيضا يساعد على توزيع ثمار السياحة البيئية، احدى السبل المستقبلية لتطوير المجال الاقتصادي.
آرتي تيما : هل هناك سلطة تقوم بتحديد منتزعات على انها منتزعات السلام ؟
"نحن حقا في بداية هذه الطوباوية المتحركة".
كارولين فوريست: لا، وفي كثير من الأحيان قد يفاجئنا هذا الامر فليس هناك سلطة واحدة تعنى بمنتزهات السلام. نحن حقا في بداية الطوباوية المتحركة. يتم تطوير وتنمية المشاريع في كل حالة على حدة، وكل بلد لوحده، وغالبا بعد سنوات من العمل المتواصل للمنظمات البيئية الغير حكومية والتي تقوم بإقناع الدول على ان هذا الامر في خدمة مصالحها. ومع ذلك، هناك العديد من الأبحاث حول هذا الموضوع اي المنتزهات العابرة للحدود. لقد أنشأ بعض الباحثين في مجال البيئة رسم خرائطي حقيقي لهذه المنتزهات، وتعريف دقيق لها وأصبحت الحالات التي كانت في بادئ الامر محددة أكثر عددا.
آرتي تيما : في فيلمك تتحدثين عن ليمبوبو بارك العظيم بين جنوب أفريقيا وزيمبابوي وموزمبيق، أميستاد الحديقة الدولية بين بنما وكوستاريكا ومشروعين لمنتزه بين الأردن وإسرائيل وحتى بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية. كيف قمت باختيار هذه المنتزهات؟
"فهي منطقة تحمي الحياة البرية وتحافظ على حياة الانسان. هذه هي الصورة الامثل لفكرة انشاء متنزهات السلام".
كارولين فوريست: نحن متمسكون بعرض أمثلة مختلفة من المنتزهات التي تحققت بالفعل، وهي تشتغل الآن ومشاريع منتزهات مقترحة في مناطق يصعب تخيُّلها. حيث نستكشف أربع قارات في أربعة مجمعات، بدءا من أفريقيا، وهي تمثل نصف متنزهات السلام التي أنجزت حقا. بما في ذلك عبر العمل التطوعي ل"مؤسسة منتزهات السلام"، وهي منظمة غير حكومية أسسها متبرع بيئي في جنوب أفريقيا ورعاها نيلسون مانديلا حتى وفاته. حديقة ليمبوبو الكبرى، طوباوية اتت بثماره. قابلنا على سبيل المثال جندي سابق من اصل موزمبيقي قام بزرع الألغام في المنطقة عندما حارب ضد جنوب أفريقيا وقام باقتلاعها عندما أصبح حارسا لهذه المنطقة التي كانت سابقا منطقة صيد وحرب وهي الآن منطقة تحمي الحياة البرية وتحافظ على حياة الانسان. وهذه هي الصورة الامثل لفكرة انشاء متنزهات السلام.
أردنا أيضا أن نظهر منتزه في أمريكا اللاتينية، وبارك أميستاد. كان مختلفا قليلا. هذه الحديقة لم تنشأ للتوفيق بين بلدين في الصراع. لكنه نشأ على حدود منزوعة السلاح تماما بين كوستاريكا وبنما، وكلاهما على حد سواء ألغى جيشه. وسيخبرنا الرئيس السابق لكوستاريكا، أوسكار أرياس، جائزة نوبل للسلام كيف تم التوصل إلى ذلك.
ثم نعود إلى احدى المناطق الأكثر رمزية من حيث الصراع مثل منطقة الشرق الأوسط. فقد قام بعض البيئيين الإسرائيليين والأردنيين يدا في اليد بالتصور، ان في يوم ما، سيتم تحويل وادي الأردن إلى متنزه سلام. وكانت صورة لا تصدق تماما، حيث نرى المدنيين الإسرائيليين يفتحون الحواجز العسكرية في هذه المنطقة الأكثر توترا. ويعتبر هذا الامر من أهم الإنجازات معاهدة السلام الإسرائيلية الأردنية لعام 1994، دلالة رائعة على ما يمكن أن تصبح عليه هذه المنطقة إذا هدأ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
آرتي تيما : انها فكرة جميلة ولكن هل هذه المنتزهات يمكن أن تساهم حقا في تحقيق الصلح بين الدول؟
"لا يمكن لعلم البيئة حل النزاع وحده. ولكن يستطيع إنشاء الروابط التي تسهل عملية الخروج من الصراع".
كارولين فوريست: من الواضح أن علم البيئة لا يمكنه حل النزاع لوحده. ولكنه يستطيع إنشاء الروابط التي تسهل عملية الخروج من الصراع، وتحديدا لأن الرجال يتحدثون عما قد يوحدهم: كالجمال الطبيعي المشتركة والمنافع الاقتصادية المترقبة يوم يستثب السلام. فهذه العلاقات تعزز الحدود السلمي وتقوي اقتصاد بلاد عانت من التوترات. فاليوم ليس هناك شيء ملموس أكثر من الطوباوية الإيجابية.
آرتي تيما : غير أن متنزه السلام بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية، والذي تتحدثين عنه في نهاية الفيلم، يبدو مستحيلا. هل تعتقدين حقا أن هذا المشروع سيرى النور يوما ما؟
كارولين فوريست: قد لا يراه في حياتنا، ولكن كون الناس يفكرون في ذلك رغم أن هذه الحدود هي من أكثر الحدود انغلاقا في العالم، أمر مثير للإعجاب فعلا. فاليوم لا أحد يصل إلى هذه المنطقة الخضراء، التي تفصل بين حدود البلدين حيث ترعرعت ثروة بيئية خيالية. فالمنظمات الغير الحكومية وحكومة كوريا الجنوبية يعملون جاهدا حتى يتم تصنيف هذا المجال تراث العالمي من قبل اليونسكو. ستكون خطوة أولى. حقيقة أن الرجال يفكرون في هذا الامر وهذا في حد ذاته انفتاح عقلي يعطي الأمل لأمر يبدو من المستحيل تحقيقه في الوقت الراهن...