السبت، 1 أكتوبر 2011

الجمهورية ذات الأيادي القذرة





لقد تدفقت مياه المجاري العدِمة. فثلثي من الفرنسيين يعتقدون أن سياسييهم "فاسدين إلى حد ما." قد نأمل أن يحتفظ الجميع بهدوئه ويُعرب عن وِجهة نظره حتى لا نُزكّي احساس انعدام الثقة. غير انه أصبح من الضروري القيام مبدئيا بتنظيف إسطبلات الأعمال وعدم ترك المكنسة بين أيدي اليمين المتطرف.

ليس هناك امر أسوأ من تكريس الانطباع بالقدرة على الإفلات من العقاب. في بلد يكثر فيه الحديث عن الأمن قصد مكافحة الجُنح الصغيرة، ويقل هذا الحديث كثيراعندما يتعلق الامر بمحاربة الجرائم المالية. فاذا رافق السياسيون في رحلاتهم مبعوثين مقيتين فهذا الامر ليس غير قانوني. تقوم فرنسا للأسف ببيع الأسلحة، وهو ما يعني ضِمنيا التعامل مع رجال الظل. هل هذا سبب لتحويل علاقة الاستغلال الى صداقة، الى درجة قضاء عطلة الاستجمام على حساب هؤلاء المبعوثين؟ انها صورة مرعبة. فالاحساس بعدم الثقة اتجاه هؤلاء السياسيون أمر محسوم فيه خاصة وهم يُتّهمون باتخاذ القرارات غير صحيحة تجاه الأزمة المالية بسبب ضغوطات اللّوبي المالي. بالطبع، يجب أن نستمر في الفرز بين الأمور. بين الشُّبهات والحقائق الثابتة. بين العمولات والرشاوي. بين الاوراق المالية الآتية من الأموال السرية و تلك التي نبحث عنها في سويسرا. بين أولئك الذين ربما تحايلوا على القانون لتمويل حملة ادوار بالادور مما تسبب في وفاة فرنسيين في كراتشي.

سوف تقوم الحكومة بتقديم تصريح بشان هذا الموضوع وربما تُأكد بإلحاح على ذلك. وسوف تكون على حق. ولكن ستتظاهر بعدم فهم أسباب الشعور بالحرج. والسؤال المطروح لا يكمن في كون اسم رئيس الدولة مذكور أم لا في ملفِّ ما. فدواعي الغضب تكمن في أسباب اخر. في تلك العادة في تمركز جميع السلطات وكذا في الاستعداد الى كل الاحتمالات لاستخدامها من أجل حماية أنفسهم. مثل قصر الاليزيه الذي لم يتخلّ أبدا عن ساحة بوفو (وزارة الداخلية).
قامت مصالح الاستخبارات بالانصهار ببعضها البعض، مصالح يُسيرها رجال يُكرسون حياتهم لنيكولا ساركوزي. مثل المدعي العام كوروى، الملقب ب "كوروا للايداع"، الذي فُرض تعيينه رغم الرأي السلبي لمجلس الأعلى للقضاء اتجاهه. حيث لم يحرك ساكنا لتسهيل تحقيق القاضية ايزابيل بريفوست ديسبريس في قضية  بيتنكور. ولكنه سمح في مراقبة المكالمات الهاتفية لصحفي في جريدة لوموند ... ناهيك عن أساليب القوى المستخدمة لفرض المدعية العامة ل بوردو، حيث يثم البث في نفس القضية. وفضيحة المكالمة الهاتفية لبريس هورتفو كاشفا أنه يتتبّع هذه القضية عن كثب.

هناك سلطة مضادة: القدرة على التحمل عند بعض قضاة التحقيق. حاولوا مرارا اضعافهم وعرقلة سيرهم ، وحتى حذفهم. لقد ضلوا على قيد الحياة وصرّحوا بها. ذلك أفضل. اذ تقع على أكتافهم خيط الثقة الأخير الذي يربط الفرنسيين بدولة القانون. هم في الحاجة– نحن جميعا في الحاجة - الى الاطمئنان.
قُم ببعث إحساس الاطمئنان في أنفسنا، سيد الرئيس، فنحن لسنا في باليرمو ولا في موسكو؟ هل أصبحت فرنسا عبارة عن أراضي كبيرة ضائعة للجمهورية؟ أو بالأحرى لا تقولوا شيء. أقِرّوا ان الطريق مفتوح للعدالة. وأن سيادة القانون في دولة القانون أقوى من منطق العشيرة والسلطة. قوموا بتعديل النصوص القانونية المنظمة لاختصاصات النيابة العامة لضمان استقلاليتها. ضعوا حدّا للقرابة المشبوهة التي تُكبل قُدرة فَصلنا بين السلطات.

كارولين فوريست في جريدة لوموند

"عندما يتحلّى اليسار بالشجاعة" دار النشر غراسييه