الخميس، 15 ديسمبر 2011

مارين لوبين الوريثة

 
 
 
 
 
 تصوير © إينغريد هوفمان / جاما RAPHO / PROD
 
 
هي من احدى الوجوه الجديدة في حياتنا السياسية. اسمها مألوف. لكنها تمكنت أيضا من ادراج اسمها الشخصي. ازاحوا عنها الصور الشيطانية وقالوا عنها مختلفة عن والدها ونتكلم اليوم أيضا عن الجبهة الوطنية "الجديدة"؟ هل هذا الامر صحيح؟ اذا، فاين يبتدئ وأين ينتهي حق هذه الشخصية في الجرد؟

 


من إخراج كارولين فوريست وفياميتا فينير ومن انتاج نيلايا للإنتاج.



يجيبنا على كل هذه الأسئلة فيلم وثائقي تم بثه يوم الخميس على قناة فرنسا 2 في الساعة 23:10. هذه ليست سيرة ذاتية جديدة لمارين لوبين ولكن تحقيق، مثير، على هامش صعودها ولإرثها السياسي. يوضح التصدعات والاستمرارية الحقيقية الموجودة بين الجبهة الوطنية القديمة والجبهة الوطنية الجديدة، بين مارين لوبين ووالدها. فسيتم الكشف عن محيطها. كما سوف يُفك لغز خطاباتها المشفرة حول العلمانية و "الدولة القوية". مواجهة أمام مرجعياتها التاريخية، تلميحاتها وتناقضاتها. تحقيق أنجز في هدوء وبدقة، قائم على أساس محفوظات كثيرا ما تفتح شهيتنا للمعرفة وعلى شهادات ملهمة. يُخرج مارين لوبين الى أضواء الحقيقة الرهيبة، تقشعر لها الأبدان في بعض الأحيان. خصوصا بالنظر للأرقام والنتائج الانتخابية التي تتنبأ لها استطلاعات الرأي.
 
 
كارولين فوريست تُفسر لنا لماذا أصدرت كتابا تم أخرجت فيلما حول هذه الشخصية "أولا لأن مارين لوبين فاعل رئيسي في الحياة السياسية الفرنسية، وهي تعتبر من بين المنتخبون الطلائع في استطلاعات الرأي، وسوف تصبح شخصية وازنة وبلا شك في الانتخابات الرئاسية المقبلة. بعد ذلك، لأن هذه هي وظيفتي. أنا صحفية وأحقق منذ أكثر من 15 عاما في الحركات الشعبوية والأصولية والتطرفة. وكانت أول مقالاتي مخصصة للجبهة الوطنية في سياق تصاعد الأفكار المتطرفة ولكنني اشتغلت أيضا على قضايا الأصولية التي تواجه العلمانية، بما في ذلك المسيحية، الممثلة في الجبهة الوطنية.
كلما لوّحت لوبين بعَلم العلمانية والجمهورية، كان من الطبيعي بالنسبة لي مواصلة بحوثي وقلمي ورغبتي في التفحص والتبصر وكذلك في تنوير أولئك الذين قد ينخدعوا من استراتيجية التواصل التي تمارسها هذه الشخصية. وبالتالي أصدرت هذا الكتاب والذي تطلب مني عمل شاق ومكلف للوقت. وقت إطلاقه، جاءت الينا باتريشيا بوتينار روين تقترح علينا تقديمه على شكل فيلم وثائقي. أعترف أن أول رد فعل لي كان أنني قد خرجت للتو من نفق طويل وغير مستعدة تماما الخوض فيه ثانية. وبعد ذلك شعرنا أن هناك الكثير من الناس الذين ليس لديهم الوقت أو لا يستطيعون قراءة الكتاب فكان مفيدا لجميع تمكينهم من تكوين رأي حول هذا الموضوع.
هذا الفيلم هو إذا وسيلة للوصول إلى جمهور أوسع. فمن جانب، ذلك الجمهور الذي يتساءل بكل مشروعية أين يبدأ حق الجرد لمرين لوبين مقارنة مع الجبهة الوطنية القديمة وإرث والدها - لأننا يجب أن نعترف أننا لا نتبين بكل وضوح الفرق بين الأقوال والأفعال. ومن جانب آخر، وبطبيعة الحال، هناك جمهور مقتنع بكل صدق بأن الايف اين هو الحزب الذي يدافع بامتياز عن القيم الجمهورية. وحتى انه يناضل بشراسة ضد العولمة المالية. موضوعين في قلب المناقشة الحالية والتي هي في غاية الأهمية حتى لا ننكب حول أولئك الذين يدعون تمثيلها ".
 

السبت، 3 ديسمبر 2011

المواطنة وحق التصويت للأجانب

 
نسبة 61٪ من الفرنسيين يؤيدون حق التصويت للأجانب في الانتخابات المحلية. هذا خبر مفرح إلى حد ما في اجواء ساد فيها استعمال مثل هذه الأدوات في مواضيع قد تصل أحيانا إلى ذروتها. فنبدأ نحلم بنقاش هادئ وبنَّاء حول الهجرة والجنسية، حيث الدلائل والحجج تأخذ مكان الردود الفعلية البافلوفية.
وفي فرنسا التي نحلم بها، قد يتساءل المرء ما إذا كان من الحِكمة فصل الحق في التصويت المحلي عن الجنسية. دون أن يقوم كلود جيان، وزير الداخلية، بتحريك شبح "رؤساء البلديات الأجانب"، و نحن نعلم - وفي أحسن الأحوال – انه يمكن أن يصبح عضوا في مجلس البلدية. دون ان يقوم اليمين المتطرف بترديد فاصله عن "الغزو". ولكن أيضا من دون ان يوجِّه بعض اليساريين الاتهام بالعنصرية لأي شخص غير مقتنع مقدَّما. لان فصل المواطنة عن الحق في التصويت، حتى في الانتخابات المحلية، ليس أمرا واضحا.
بصفة مطلقة، هو في حد ذاته التنازل عن واحدة من السمات المميزة للنموذج الموروث عن الثورة الفرنسية، حيث يشترط ممارسة المواطنة بالرغبة في الانتماء إلى الأمة. لذلك يستحق هذا الامر مناقشته. قد يتساءل المرء، على سبيل المثال، إذا لم يكن هناك من الاحسن تيسير الحصول على الجنسية الفرنسية بدلا من إغلاق الباب، وترك نافذة مفتوحة: الحق في التصويت في الانتخابات المحلية.
ويتساءل المرء ما إذا كان منح هذا التنازل لا يساهم في خفض قيمة واحدة من امتيازات الجنسية. مع المخاطرة برجوع النيران: ألا وهو طلب تصوُّر أكثرعرقي لمفهوم للمواطنة.
ويمكن القول انه في عالم مفتوح، لم يعد له كثير من معنى، إغلاق هذه النافذة الصغيرة. يمكننا جميعا أن نرغب في العيش والاستثمار في بلد غير بلدنا، من دون رغبة منا أن نصبح عضوا في هذه الأمة. إذا كانت على الجنسية ان تستمر في تنظيم الحق في التصويت في المواعيد الوطنية، فالحياة المحلية خد ذاتها تنتسب الى الديمقراطية التشاركية أكثر من الديمقراطية التمثيلية. إذا نظرنا اليها بهذا الشكل فالانخراط في مجال الديمقراطية المحلية سوف يقوي الانتماء والحس بالمواطنة عند القاطنين لفترة طويلة.
هذا التحرك "المواطنتي"، في قلب عملية العولمة المتحركة، أنتجت بالفعل بعض التعديلات. فبما ان سكان الاتحاد الأوروبي لهم الحق في التصويت في الانتخابات المحلية في فرنسا. فكيف حينها نرفض هذا الحق للآخرين؟ كيف يمكننا أن نقبل أن ابريطاني الذي اشترى منزلا ريفيا في فرنسا له الحق في التصويت، وليس الشيباني اي هؤلاء عمال شمال إفريقيا الذين تركوا بلدهم وأسرهم للعمل في مصانعنا منذ اكثر من أربعين عاما؟
كل هذا يثير تساؤلات مذهلة. يبقى علينا معرفة هل هناك حاجة ماسة للرد. هل نحن نَعبُر من مرحلة نعيش فيها العولمة بسعادة الى درجة أننا نأمل لانفتاح والتأقلم؟ أو، على العكس، هي فترة يعتبر فيها التأقلم بمثابة خيانة إضافية من الدولة القومية، وبالتالي فهو يولِّد أكثر من الأذى (كراهية الأجانب) من ان يولِّد الخير (التفتح)؟ فالأخذ بعين الاعتبار هذا السياق قد يمكننا من تكوين فكرة عن هذا الموضوع.
كارولين فوريست
لوموند، 03/12/2011

السبت، 1 أكتوبر 2011

الجمهورية ذات الأيادي القذرة





لقد تدفقت مياه المجاري العدِمة. فثلثي من الفرنسيين يعتقدون أن سياسييهم "فاسدين إلى حد ما." قد نأمل أن يحتفظ الجميع بهدوئه ويُعرب عن وِجهة نظره حتى لا نُزكّي احساس انعدام الثقة. غير انه أصبح من الضروري القيام مبدئيا بتنظيف إسطبلات الأعمال وعدم ترك المكنسة بين أيدي اليمين المتطرف.

ليس هناك امر أسوأ من تكريس الانطباع بالقدرة على الإفلات من العقاب. في بلد يكثر فيه الحديث عن الأمن قصد مكافحة الجُنح الصغيرة، ويقل هذا الحديث كثيراعندما يتعلق الامر بمحاربة الجرائم المالية. فاذا رافق السياسيون في رحلاتهم مبعوثين مقيتين فهذا الامر ليس غير قانوني. تقوم فرنسا للأسف ببيع الأسلحة، وهو ما يعني ضِمنيا التعامل مع رجال الظل. هل هذا سبب لتحويل علاقة الاستغلال الى صداقة، الى درجة قضاء عطلة الاستجمام على حساب هؤلاء المبعوثين؟ انها صورة مرعبة. فالاحساس بعدم الثقة اتجاه هؤلاء السياسيون أمر محسوم فيه خاصة وهم يُتّهمون باتخاذ القرارات غير صحيحة تجاه الأزمة المالية بسبب ضغوطات اللّوبي المالي. بالطبع، يجب أن نستمر في الفرز بين الأمور. بين الشُّبهات والحقائق الثابتة. بين العمولات والرشاوي. بين الاوراق المالية الآتية من الأموال السرية و تلك التي نبحث عنها في سويسرا. بين أولئك الذين ربما تحايلوا على القانون لتمويل حملة ادوار بالادور مما تسبب في وفاة فرنسيين في كراتشي.

سوف تقوم الحكومة بتقديم تصريح بشان هذا الموضوع وربما تُأكد بإلحاح على ذلك. وسوف تكون على حق. ولكن ستتظاهر بعدم فهم أسباب الشعور بالحرج. والسؤال المطروح لا يكمن في كون اسم رئيس الدولة مذكور أم لا في ملفِّ ما. فدواعي الغضب تكمن في أسباب اخر. في تلك العادة في تمركز جميع السلطات وكذا في الاستعداد الى كل الاحتمالات لاستخدامها من أجل حماية أنفسهم. مثل قصر الاليزيه الذي لم يتخلّ أبدا عن ساحة بوفو (وزارة الداخلية).
قامت مصالح الاستخبارات بالانصهار ببعضها البعض، مصالح يُسيرها رجال يُكرسون حياتهم لنيكولا ساركوزي. مثل المدعي العام كوروى، الملقب ب "كوروا للايداع"، الذي فُرض تعيينه رغم الرأي السلبي لمجلس الأعلى للقضاء اتجاهه. حيث لم يحرك ساكنا لتسهيل تحقيق القاضية ايزابيل بريفوست ديسبريس في قضية  بيتنكور. ولكنه سمح في مراقبة المكالمات الهاتفية لصحفي في جريدة لوموند ... ناهيك عن أساليب القوى المستخدمة لفرض المدعية العامة ل بوردو، حيث يثم البث في نفس القضية. وفضيحة المكالمة الهاتفية لبريس هورتفو كاشفا أنه يتتبّع هذه القضية عن كثب.

هناك سلطة مضادة: القدرة على التحمل عند بعض قضاة التحقيق. حاولوا مرارا اضعافهم وعرقلة سيرهم ، وحتى حذفهم. لقد ضلوا على قيد الحياة وصرّحوا بها. ذلك أفضل. اذ تقع على أكتافهم خيط الثقة الأخير الذي يربط الفرنسيين بدولة القانون. هم في الحاجة– نحن جميعا في الحاجة - الى الاطمئنان.
قُم ببعث إحساس الاطمئنان في أنفسنا، سيد الرئيس، فنحن لسنا في باليرمو ولا في موسكو؟ هل أصبحت فرنسا عبارة عن أراضي كبيرة ضائعة للجمهورية؟ أو بالأحرى لا تقولوا شيء. أقِرّوا ان الطريق مفتوح للعدالة. وأن سيادة القانون في دولة القانون أقوى من منطق العشيرة والسلطة. قوموا بتعديل النصوص القانونية المنظمة لاختصاصات النيابة العامة لضمان استقلاليتها. ضعوا حدّا للقرابة المشبوهة التي تُكبل قُدرة فَصلنا بين السلطات.

كارولين فوريست في جريدة لوموند

"عندما يتحلّى اليسار بالشجاعة" دار النشر غراسييه

السبت، 24 سبتمبر 2011

أوروبا بلا قلب


هناك رموز ذات دلالة قوية لا يمكن للإتحاد الأوروبي القبول بها. والانخفاض الحاد لبرنامج المساعدات الأوروبية للغذاء إلى الاشخاص الذين هم في وضعية صعبة، رمز من بين هذه الرموز ليس هناك ما يبرز الغرض من أوروبا اكثر من هذه الآلية التضامنية التي تم تصوُّرها غداة فصل الشتاء الرهيب لسنة 1986- 1987. فقبل ذلك بسنة، أطلق كوليش مطاعمه بصرخة من القلب: "عندما تكون هناك فوائض لأطعمة ويتم اتلافها للحفاظ على مستوى الأسعار في السوق، يمكننا استعادتها في اطار مطعم كبير لإعطاء الغذاء لجميع أولئك الذين يعانون من الجوع. "

المعاينة صائبة. غير ان عليهم اخراج هذا المخزون من محاسبة السوق. هذا ما يقوم به الاتحاد الأوروبي فيقوم بتوزيعها على الجمعيات الخيرية مثل مطاعم القلوب، والنجدة الشعبية أو "العمل ضد الجوع". بعد مرور ثلاث سنوات، في ظل فرضية تنسيق أوروبي أفضل واصلاح للسياسة الزراعية المشتركة، انقرضت هذه الفوائض. غير أن الاتحاد لم يتخلّ عن مساعدة المحرومين. فاختارت استبدال هذه المخزون عن طريق تخصيص غلاف مالي قدره 1٪ من السياسة الزراعية المشتركة. ما يقرب من 500 مليون دولار. أي أقل من اورو واحد لكل اوربي ... ولكن ما يكفي لإطعام أكثر من 13 مليون شخص في وضعية صعبة.

كان وقتها زمن التضامن. شعار الاتحاد الأوروبي، رمزها ونجومه المذهبة تزين أكياس وصناديق الجمعيات الخيرية. كان ذلك قبل اندلاع الأزمة المالية، وعودة الأنانية.

 ففي سنة 2008، السنة الرهيبة، قررت ألمانيا لعب دور المحامون الذين يصعب ارضائهم وقامت بتقديم الطعن. كانت مدعومة من قبل السويد، تحت ضغط قوي من يمينها المتطرف. وأصبح بذلك زواج الشدة والانطواء على النفس في طريقهما نحو كسر الزخم الأوروبي. ان القانون بجانبهم. محكمة العدل الخاصة لاتحاد الأوروبي أعطتهم الحق. فقامت اللجنة بسحب ملفّها ولم تستأنف. وتقرر تشييع جنازتها يوم الأربعاء 21 شبتمبر. وشكل لقاء بروكسل مثابة قرار للتنفيذ بالنسبة لوزراء الزراعة والفلاحة. سوف يحصلون الجمعيات على 113 مليون أورو في سنة 2012 من أصل 500 مليون المتوقع الاستفادة منها. ما يمثّل حوالي 130 مليون وجبة طعام أقل في فرنسا لوحدها ! كنا على وشك التصويت. إلا أنه لم يحدث ذلك. مات فعلا كوليش، ولكن التضامن لازال على قيد الحياة.

لقد دقّت المنظمات غير الحكومية ناقوس الخطر، واستطاع الوزير الفرنسي برونو لومير، الحصول على تأجيل تنفيذ ذلك القرار. حتى يسعه الوقت لإقناع احدى ست دول الممتنعة (ألمانيا، المملكة المتحدة، هولندا، جمهورية التشيك والدنمارك والسويد). وحتى يتسنى له تصور حل آخر أو توفير المال من مصادر أخرى. الامر الذي نفترض قبوله من قبل 85٪ من أعضاء البرلمان الأوروبي و19 الدول الأعضاء؟ إذا لم نستطع اتخاذ المعونة من السياسة الزراعية، لماذا لم نقم باقتطاعها برسم السياسة الاجتماعية؟ وإذا كانت الزراعة – بالفعل هشة - لم تعد قادرة على العطاء، لماذا لا ننشئ آلية اوروبية للإعادة توزيع المخزون الذي تُلقي به محلات السوبر ماركت؟

فأوروبا التي وجدت وسيلة لخفض فائضها من المخزون الزراعي بفضل اقتراح أفكار جديدة لتجنب تقليل عدد الوجبات المُوزّعة. خاصة وعدد الأوروبيين الذين هم في وضعية صعبة في ارتفاع مستمر (من 10٪ إلى 25٪، وفقا للجمعيات).  غدا سوف ربما تقوم بإعادة رسملة بنوكها. ماذا سوف نسمع؟ انها تمكّنت من العثور على المال للبنوك وليس للفقراء. فالحجة ستكون بسوء نية. ان شلل السلف يعني المزيد من حالات الإفلاس وبالتالي تزايد عدد فقراء. وسوف يأتي من الشعبوية الأنانية على وجه التحديد كونها تضغط على الحكومات حتى تمتنع عن مساعدة الاشخاص الذين هم في وضعية صعبة. ولكن الجميع سوف ينسوا، خلافا لهذا الرمز الرهيب. رمز أوروبا من دون خيال واسع ومن دون عزيمة لتغذية أولئك الذي تسبب الشلل السياسي والتمويل لاّ متوازن في تجويعهم. فلم يبق الاّ شهر لتجنب ذلك.

للتاريخ: منذ ذلك الحين، وخاصة بفضل الجهود المبذولة من قبل الحكومة الفرنسية وزيرها بالفلاحة، برونو لو مير، فقد تمّ تمديد البرنامج الأوروبي لإمداد المعونة الغذائية للفقراء.

كارولين فوريست في جريدة لوموند

"عندما يتحلّى اليسار بالشجاعة" دار النشر غراسييه

الثلاثاء، 14 يونيو 2011

كارولين فوريست: لماذا كل هذه الكراهية؟


حاضرة بقوة في كل منابر الإعلام، من فرانس كولتور(فرنسا الثقافات) وسي دون لير (على الهواء) ، وفي الواحدة والربع يوم الاحد على فرنس 2 و جريدة لوموند ، أوفي وقت متأخر على لاسومين كريتيك (الاسبوع الحاسم)  وحتى في شارلي ابدو في وقتها، ولا تكاد كارولين فوريست تصل ربيعها 35 ، حتى أصبحت صاحبة بطاقة شخصية وطابع قويّ منفرد "يفرض" نفسه بنفسه. ففي عام 2010، قام موقع أونكيت وديبا (تحقيق ومناظرة) بحصر معظم كتاب الأعمدة في وسائل الإعلام من خلال تسجيل دقائق حضورهم في الإذاعة والتلفزيون: وقد ظهرت كارولين في الرتبة التاسعة، وإن كانت بعيدة وراء اريك زمور، ولكن مع ما يراوح تقريبا 24 ساعة من الحضور المتراكم في السنة وذلك فقط ككاتبة عمود. خاصة وهي تمثل المرأة الوحيدة في هذا النادي المنحصر نسبيا على استقطاب العنصر الرجالي على وجه الخصوص... ولكن على خلاف بعض زملائها الحاضرين في هذا الترتيب، لم تكتب مقالاتها عندما اشتهرت بل إصداراتها هي التي سمحت لها أن تكون حاضرة في هذه المنابر الاعلامية. عند حلول سنة 1998، وهي في ربيعها 23 ، شاركت فياميتا فنّر، في كتابة اصدارها "دليل مُموّني الجبهة الوطنية وأصدقائها"، قبل التوقيع في العام التالي، دائما في اطار هذا الثنائي الكتاب الذي نال استحسانا كبيرا وهو "حملة انتي باكس أو آخر الحروب الصليبة ضد المثلية الجنسية". وقد تناول هذا الكتاب موضوع الحملة ضد الباكس في شوارع باريس والبرلمان "مستعينين في ذلك بالانجيل" قبل إصدارها كتابا آخر عام 2001 تتناول فيه التحقيق الذي أنجزته حول الاجهاض، والذي كتبته بمفردها هذه المرة تحت عنوان "الإيمان ضد الخيار": اليمين الديني والحركة برو لايف (المؤيدة للحياة) في الولايات المتحدة". فقد وقعت بذلك كارولين فوريست من خلال مؤلفاتها الثلاث، بصمتها النضالية الشديدة اللهجة ضد أربعة كوارث مجتمعية: اليمين المتطرف، اضطهاد الجنسية المثلية، التعصب الديني والأصولية وبالتالي التجمعات المناهضة للإجهاض. هذا هو الإطار الذي كان سبب فتح باب الكراهية في وجه هذه القاصة.

وهكذا بدأت التدفقات القذفية تتواصل دون عناء. لقد تعرضت كارولين فورست لتحامل شديد وقوي، بعد كل تحقيق أو تحريات قامت بها، وبعد كل برنامج إذاعي او تلفازي حضرت اليه، وبعد كل عمود كتبته، تحولت الاعتراضات الى شتائم وتحول الرجم الى حكم بالإعدام، والشجب الى الافتراء. ما عليك الا كتابة اسمها على جوجل حتى تعاين بنفسك تدفق وابل من الوحل في حقها ... عبارة استخدمت مؤخرا في قضية دي ايس كا. وهذا ان دلّ على شيء فهو يدل على ضراوة هذه الظاهرة. من تعليقات مجهولة ورسائل مفتوحة وبرامج مخصصة، وهجمات هستيرية وترهيبية من المثلية او حتى وهمية، وكتب حررت قصد القذف والتجريح، كل شيء مسموح لإطلاق العنان لكراهيتهم على كارولين التي رغم ذلك مازالت تحضا بثقة الناشرين واحترام زملائها الصحفيين والمثقفين وبتلقيها دعوات لحضور الندوات ولإبداء رأيها على الميكروفون أو للحضور على المسارح التلفازية. غير أن هذا الامر كرّس بدوره، عند مجنوني الشك والعظمة، بمختلف اشكالهم، نظرية "التواطؤ" المفترض والتآمر المزعوم قلب العالم المصغر لوسائل الإعلام... لذلك دعنا نتساءل بكل مشروعية: لماذا كل هذه الكراهية؟


أول منتقديها هم من الواضح من يحظوا باهتمام خاص من طرفها وقلب لوحة تصويبها. أولئك الذين تصف بدقة متناهية حركاتهم وحيلهم قصد الفَهم الأفضل لنواياهم. أولئك الذين بعد فضحهم، يظلون يصرخون ضد الرداءة والانحطاط لتبرير مقاصدهم. وان كانت هجماتهم قابلة للتنبؤ بها، تبقى في غالب الأحيان غاية في الخشونة. فقد اخرجت الجبهة الوطنية مدفعيتها ذات العيار الثقيل عندما نشرت على نطاق واسع عُنوان ورمز منزل كارولين حتى تتنازل عن رغبتها في مواصلة تأليف كتابها عن حزب جان ماري لوبان، كما تَذكر في كتابها الأخير المخصص عن التحقيق عن وريثته مارين. ممارسات يتفق بقيامها أيضا بعض الجهاديين بعد قضية الكرتون عندما سيتم وضع كارولين مع تسليمة نسرين في قائمة اثني عشر شخصا مهددين بالقتل، بُثّت على موقع انجليزي ... وقد تلا هذا الترهيب توصل صديقتها فياميتا فنّر بقلوب الثيران بصفة منتظمة لأنها تجرَّأت الخوض في التحقيق حول الميليشيات المناهضة للإجهاض. فلقد أصبح نمط حياة فوريست شبيه بحياة داموكليس...

غير ان مؤلفاتها ضد الأصولية هي التي جذبت لها الصاعقة وتسببت في تهم غريبة بقدر ما هي متناقضة. لقد قامت كريستين بوتان، التي شكلت محور تحقيقها حول حركة أنتيباكس، باتهامها بالترهيب الكاتوليكي. ولم يتوقف طارق رمضان وخصوصا أقوى مؤيديه من نعثها وتصنيفها من بين الاكثر الإسلاموفوب عندما لا يتهمها البعض الاخر بخوض لعبة إسرائيل. كما قام بعض اليهود المتحمسين، أنفسهم، باتهمها بسحب إسرائيل في الوحل كما هو الحال في عام 2009 عندما كتبت ورقة في جريدة لوموند تحت عنوان"اسرائيل ضد اوباما والذي كتبت فيه:
"بالاستخدام المكثف للمستعمرات كدروع بشرية، تغذي إسرائيل التعصب الذي هو ليس أقل عداء لها "بالداخل ". فالجيش الإسرائيلي مخترقة من قبل الجنود الأرثوذكس الذين يقاتلون في سبيل الرب وليس في سبيل الأمة. فالعنف الغير المتوازن الذي استجاب له الجيش الإسرائيلي إثر التعرض لتحرش صواريخ حماس، يَنِمّ عن فقدان العقل".

إذا هل كارولين فورست تكره الإسلام؟ هل هي معادية للسامية؟ ام كاتوليكيفوب؟ في كتابها "احرار لقوله"، كتاب نشرت فيه مقابلاتها مع تسليمة نسرين، أعربت كارولين فوريست عن هذه المفارقة: وقالت "عندما كنت انتقد الكاثوليكية أو اليمين الديني الأمريكي فقط، كان اليسار المتطرف يَكِنُّ لي كثير من الود. لقد حيَّت صحف مثل بوليتيس كتبي ووصفتها ب"دقيقة ومعمقة" ووصفتني ب "المتخصص في الأصولية". عندما بدأت أنتقد الأصولية الإسلامية وخاصة طارق رمضان، تغير كل شيء. قامت مقالات من نفس الأسبوعية تتهكّم على صفات "الأصولية المتخصصة". لقد فقدت الكثير من الأصدقاء والعديد من الحلفاء. خاصة أولئك الذين حاربت بجانبهم ضد كريستين بوتان ".



باختصار"اصفع أعدائي، ولكن لا تلمس صديقي". وإن كانت كارولين من نساء حزب اليسار، فهي لم تسلم أيضا من هجمات معسكرها والتي لم تكن قط ليّنة . خصوصا منذ نشر كتابها " الإغراء الظلامي" حيث قدمت كارولين فوريست تحليلا لا هوادة فيها عن هذا اليسار المناهض للاستعمار أكثر منه للفاشية كما يفقد أحيانا روحه بمداعبته -دون وعي- للأصوليين من جميع المشارب ... فقد أدى الثمن نويل مامير الذي كان باستطاعته أن يرى فيها حليفا له بعد الزواج الغير الشرعي لاثنين من مثليين جنسيا في بجليز كما ذكرت كلود أسكولوفيتش  في مقال كرسته لكارولين وفياميتا تحت عنوان المحاربات نشرته في نوفيل أوبسرفاتور:"يوم الاحد الماضي وقبل المظاهرة ، قدمت كارولين نفسها لنويل مامير" اسمي كارولين فوريست، كنت رئيسة لمركز المثليين ". انفرجت نظرة البرلماني من الحزب الأخضر صاحب زواج المثليين: مثلية، اذا يفترض انها صديقة ! الا انها صدمته بجوابها كالتالي: "ما دمت تذهب للاستمتاع بتصفيقات الإسلامويين في مؤتمر منظمة اتحاد مسلمي فرنسا، يمكنك تزويج كلّ المثليين جنسيا كما تريد، سوف لن تحصل على دعمي ".

كل واحد من معارضيها، الذين جُرحوا في قناعاتهم يتهمونها بالوقوف دائما الى جانب الخصوم. لأن من غير المعقول، في هذا العالم الساخر، أن تتمحور أفكارك بتدرج. اصبحت الفلسفة المانوية هي المطلوبة وكل من رفض الغوص في غمار اللعبة، يخاطر بخيانة فريق أو بآخر. فكل هذه الهجمات دنيئة وعقيمة: إذا استطاعت كارولين فوريست من جني انتقادات متناقضة من قبل العديد من الأصوليين فلأنها ببساطة تحاربهم جميعا. وبدون استثناء. باسكال بونيفاس، المؤلف (في الشهر الماضي) لكتاب بعنوان "المثقفون المزيفون"، فهو بالتأكيد لا يفقه شيئا عندما يتهمها بالمرموز على مدى ثمانية عشر صفحة التي كرسها للكاتبة المقالات، كونها تتحامل على الإسلام وعلى وجه الخصوص مشيرا الى كتابها "العلمانية على محك الديانات الثلاث المسيحية والإسلام واليهودية"، كتاب شاركت في تأليفه مع فياميتا، تدين دون تحفظ الأصوليين الثلاثة اليهودية والمسيحية والاسلامية: "إن الأصولية الإسلاموية هي الأكثر ضراوة من الاصوليات الثلاثة. كما كتبت كارولين على وجه الخصوص أنه "إذا كان العنف ليس احتكارا على الإسلام لوحده، فهو الوحيد الذي يتوفر على قنابل بشرية موقوتة". إلا أن السيد بونيفاس يغفل القول أنه في هذا الفصل، قامت الباحثتان باضافة ما يلي: "اذا كانت الإسلاموية تحتل في الواقع المركز الأول بين الأصوليين. وهي حاليا الأفضل تموقعا لتنفيذ إملاءاتها وارهاب أولئك الذين يقاومونها.الا أن هذه القوة لا تختلف جوهريا عن نظيراتها اليهودية والمسيحية. فقوة الاذى لدى الأصوليين يستمدونها بالدرجة الأولى من المقاومة التي يواجهونها. (...) ولا علاقة هذا الادى بالدين ولكن له علاقة بالاستغلال السياسي للدين. مع المخاطرة بتخييب آمال أولئك الذين يؤمنون بالهمجية الذاتية للإسلام، فلا علاقة القرآن بالتخلف الديمقراطي والعلماني للبلدان المسلمة ".



ويتهم باسكال بونيفاس أيضا كارولين فوريست باقتطاع أجزاء من مقولاتها. أو بالمستشفى الذي لا يهتم... بأعمال الشريعة عفوا الخيرية على حد قوله! ففي مجرى مسلسل "سوء نية"، يتهمها أيضا بالتخلي عن الانتقائية في معركتها ضد الأصولية والتركيز تدريجيا على واحدة منهن: "فهي سوف تتخلا تدريجيا عن المعركة ضد الأصوليين المسيحيين لصالح المعركة التي تعرف أكثر مزايدة في وسائل الاعلام أي تلك ضد الإسلام. وسوف تصبح نوعا من الباسيوناريا لمكافحة الإسلامية". فالجملة مذهلة لكون باسكال بونيفاس يأرخ هذا التغيير بتاريخ خروج كتاب "الأخ طارق"، الذي نشر سنة 2004، قبل أربع سنوات من كتاب "الجنود الجدد للبابا" حول التيارات المثيرة الثلاثة الكاثوليكية المعاصرة التي هي أوبوس داي، و الفيلق المسيح والتقليديين. إلا إذا ما قرر طارق رمضان التبشير في سانت نيكولا دو شاردونيه مؤخرا...

 واتهمها أيضا بدعم أكاذيب وحقائق كاذبة أخرى والرجوع الشبه حصري الى كتاب الأخ طارق على وجه التحديد، رغم المراجع الطويلة والضخمة لكارولين فوريست (وبدون ذكر الدعوى القضائية التي رفعها صفيرضد...طارق رمضان). كما قام بترديد الخلافات التي عرضت في برنامج "اونيبا كوشيه" (لم ننم بعد) لروكييه في عرضه الأول حيث استظاف رمضان في سبتمبر 2009، ثم في الثانية مع فوريست في أبريل 2010، حيث كان عليها تحمُّل سوء نية الشخصيتين المثيرتين للجدل نولو و زمور والتي لاحظ عليهما روكييه بنفسه (ضحايا المستقبل ل"حرية التعبير" لسنة2011) حيث لم يستوعبا نعتهم من قبل كارولين فوريست ب"البليدين" حيث اتهمتهم بخوض مقابلة مع رمضان بغض النظر عن معيار ازدواجية الخطاباته والاكتفاء بالتنكيت معه حول اعماله الموجهة للجمهور بصفة عامة وتصريحاته اليومية، التي يعتني فيها بالقاء خطبة خاصة، تلك الموجهة لجمهور كبير، اذ يبتعد عن خطبه الأخرى الاكثر غموضا وتعصبا والمسجلت على الشرائط ...). وفي مواجهة اتهام طارق رمضان وردود كارولين فوريست، هل قام باسكال بونيفاس بخوض بحث نقدي يتبين من خلاله الصحيح من الخطأ ؟ كلا! انه يفضل إعطاء مكافأة حسن النية إلى الواعظ السويسري. تم اصدار الحكم في غياب محاكمة عادلة. وليس في الامر شك انه هذا ما يصفه باسكال بونيفاس بالصرامة الأكاديمية والتي يواجه بها  ما يسميه بالحقائق المزيفة لكارولين فوريست والتي يعتبرفيه انه تمّ المبالغة في التقييم الايجابي  ل"شخص حاصل فقط على شهادة الدراسات العليا كرصيد معلوماتي "... (لأن في وجهة نظر هذا الباحث الكبير باسكال بونيفاس لايمكن قياس التجريبية والمسح الميداني بالألقاب الفخرية ... و ليس السيد رمضان من يقول العكس، والذي يتوفر بدوره على شهادة دكتوراه حصل عليها...بميزة مقبول، أطروحته عن جده، البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين ، التي اعتُبرت من قبل لجنة التحكيم،  مُتحيزة وتفتقر إلى الكثير من بعد النظر والحس النقدي ...). ولكن اطمئنوا، فالامر ليس كما لو كان السيد بونيفاس يسوّي حساباته الشخصية مع كارولين فوريست، بسبب تقديم شهادتها ضده في القضية التي خسرها ضد محمد سيفاوي ...

هل جعلت كارولين فوريست الإسلاموية هواية مشبوهة جدا الى درجة معادات الإسلام؟ على أي حال فقد اكدت هذه الاطروحة شبكة فولتير، ولكن لا بد من القول أن مؤسسها، تييري ميسان لم يعد يتمتع بنفس الموقف منذ اصدار كتابه " الكذبة الكبيرة "... وما هو موقفه منذ أن أصبح على رأس جندول من مكاتب "التوحيد" المتخصصة في كتب الأصوليين، أو في الأردن، كما كشفت فيامتا فنّر في كلمة افتتاح كتابها "المنتحل المخيف" ...



وهذا الهجوم أكثر مصداقية في الوقت نفسه عندما اتهمته ريبوست لاييك بالتفريش... للإسلام! لا بد من القول أن الجمعية التي ولدت من ريسبوبليكا قررت القيام بالتركيز المبالغ فيه، الى درجة الخلط بين معركة لصالح العلمانية ومعركة ضد الإسلام، والدليل هو وقفة ابيرو سوسيسون ايبينار والتي شاركت في تنظيمها أوعلى الأقل على ضمان شهرتها. فبمجرد فتح الصفحة الرئيسية لموقعهم لملاحظة ذلك ... فهي تشبه الى حد كبير متجر مارين لوبان! وهنا تتصدر العناوين المعادية للإسلام! ومن البديهي عندما اكتسبت فوريست سمعتها "بمعادية للاسلام" بعد اصدارها لكتاب الاخ طارق أن يجعلوها حليفة لهم. لكن للأسف. انهار كل شيء بعد قضية فاني تروشيلو. هذه المرأة "اللطيفة" التي تسيرفندقا حيث اتت امرأة محجبة للإقامة في إحدى غرفه. منزعجة من الحجاب قامت السيدة تروشيلو بالطلب من المرأة المتحجبة بعدم التجول في الممرات بحجابها كما طلبت منها انتزاعه. فقدمت المرأة المحتجبة شكوى بسبب التمييز... الا أن الحكم فيها نطق لصالح صاحبة الفندق. فلا تطبق مبادئ العلمانية داخل مؤسسة تجارية خاصة. غير ان كارولين فورست، التي تظل دائما وفية لمبادئ العلمانية كما لأولئك الذين يدافعون عن الحريات الفردية، لم تساند قضية السيدة تروشيلو. فقامت ريبوست لاييك عبر مقالاتها ورسائلها المفتوحة، بشن حرب جعلت من شخص كارولين فورست هذفها المفضل. أو كيف تصبح معاديا للإسلام، الى درجة تلقي الدعم من إسرائيل و مناصرة موالية للاسلاموية المتشددة ... لأن في هذا العالم المانوي من الأصوليين، يستحيل تاييد قانون حظر النقاب في الأماكن العامة والحجاب في المدرسة وفي نفس الوقت ضد حظر الحجاب العادي...فلا يمر أسبوعا دون تحمل كارولين أهوال القلم المغموس في الحبر الأسود ستيكس لمحرري ريبوست لاييك، جنبا إلى جنب فيامتا فنّر التي اضطلعت في 2 مايو على مقال جاء في عنوانه: "إن ليكرا كانت تكلف فنّر بتولي مكانها الأعمال القذرة المتمثلة في إهانة وتجريح ريبوست لاييك". كل شيء موزون كما يمكنكم تقييمه...

الشكوى الأخرى التي قُدّمت ضد كارولين فورست، عندما تُفتقد الدلائل والحجج في إجبارها على الدفاع عن الأصولية المعارضة لهم هو اعتبار كارولين معادية لجميع الأديان. هذا هو أساسا ما قامت مارين لوبان عندما وجهت اللوم لها  في شتمبر عند استظافتها ببرنامج سومين كريتيك (الأسبوع الحاسم)  الذي يقدمه فرانس أوليفييه جيسبير.

محاولاة ذكية، اذا ما كلفت مارين لوبان نفسها عناء القراءة، أو قامت بتكليف أحدِ لقراءة الكتب، تلك التي تريد تشويه سمعتها ... أوببساطة عن طريق فتح كتاب كارولين الأخير، والذي كتبته قبل كتابة السيرة الذاتية لمارين لوبين، حيث يمكن قراءة ان كارولين فوريست ترفض الخلط بين الأصولية والشان الديني وأنها تقوم بتمييز واضح بينهما. في حين أن تسليمة نسرين التي اعربت عن اشمئزازها وخاصة إرهابها لما تعرضت له في مصيرها المأساوي جدا، والتي افقدت كل أمل في لمس أدنى أثر الاعتدال في الدين على الإطلاق.

ولكن وكما هي العادة، فمناقشة الأفكار ليست دائما كافية لتلبية رغبة التعطش للانتقام والتشويه من بعض النقاد. فقاموا بالاستعانة بحياتها الخاصة. فمن السهل جدا باعتبار كارولين فوريست لاتخفي ارتباطها بفياميتا فنّر ومن دون جعل هذا الامر منتدى لاثارة الانتباه.
وهذا يبدو هاجسا عند بعض القراء الذين تتقاطر تعليقاتهم بالاموفوبيا من خلال الشرائط الفيديو والمقالات التي تذكر اسمها أو بمجرد ادراج اسمها في البحث التلقائي لغوغل:




فهي نسوية، يسارية تستنكر لعدم وجود الشجاعة عند يساريين من معسكرها، علمانية ملتزمة (وهذا يعني علمانية دون صفة نعتية، مصدر نعتي بسيط على عكس ساركوزي أو بوبيرو على سبيل ذكر شخصيات الاكثر تأثيرا في هذا الانجراف)، مثلية، ومعادية للأصولية واليمين المتطرف بشكل عام ... نفهم الآن لماذا اضحت قائمة أعداءها ممتلئة!



ولهذا فأنا ارى بزوغ التعليقات التي سوف تنتقد من خلال مقالي هذا، ايماني القوي بها أو أي نوعا من هذا الهراء كعدم وجود منظور أنتقد اعمالها من خلاله. دعونا نكون واضحين: أقدّر الالتزام الفكري والرؤية العلمانية لكارولين فوريست ، وأجد هذه السيول من الطين امتدادا للجهل والغيرة أو طغيان لبعض المفكيرن. هذا لا يمنعني، ومع ذلك، من تواجد نقاط الاختلاف، كمصير الأمهات المرافقة في الرحلات المدرسية والتي لا ترغب كارولين فورست في إجبارهن للخضوع الى واجب العلمانية وتفادي علامات "التباهي". فأنا لست متفق معها لأنني اعتبر أن عند مرافقة التلاميذ، فهن لسن أمهات فقط بل يقمن بالمشاركة في المصلحة العامة ويجب أن تخضعن بالتالي الى واجب الحياد. هذا هو الفرق بين هذا الموقف الذي يهدف إلى تشهير أولئك الذين لا يفكرون بنفس الطريقة وتقديم عرض سليم وواضح في اطار جدل دائر بين أشخاص تقاسم نفس القيم. ولكن الأسوأ من كل هذا هو أنه أولئك الذين يتحدثون عن كارولين فوريست هم معظمهم من لم يقرؤون كتبها ولا ماقلاتها...هم من لم يقرؤونها.

ايف دولاهي