الجمعة، 11 يوليو 2008

فخ مصطلح "الإسلاموفوبيا"


العنصرية المضادة للمسلمين موجودة وحاضرة. فمنذ 11 سبتمبر، أصبح من حقنا أن نخاف أن تحُلَّ العنصرية المضادة للمسلمين محل العنصرية ضد العرب تحت ذريعة مقاومة الإسلاموية. فللأسف الشديد، بدلا من أن نناهض هذه العنصرية ضد المسلمين نفضل، في كثير من الأحيان، استعمل كلمة أقصر ولكن أكثر الخلط: ألا وهي "الإسلاموفوبيا". فقد تستخدم هذه الكلمة أحيانا بحسن نية، ولكن أصلها – أي "فوبيا تجاه الإسلام" او الخوف من الاسلام- يتستخدم في غالبية الأحيان عندما يتم اعتبار نقد دين المسلمين أو حتى نقد الأصولية الإسلامية شكلا من أشكال العنصرية ضد المسلمين، وهو شكل من أشكال المسلموفوبيا . وهذا يساهم في إرباك و إغراق النضال المناهض للعنصرية، في معركة ضد الازدراء الديني . 

كما قد يكون أيضا الهدف الذي تسعى إليه الشبكات التي استخدمت هذا المصطلح (أي الاسلامفوبيا) لأول مرة. فعلى سبيل المثال نذكر ما حدث في إنجلترا أواخر الثمانينات، ففي الحملة ضد الآيات الشيطانية لسلمان رشدي، فهمت بعض الجماعات الأصولية أنها ستكون أكثر فعالية إذا ما ناضلت ضد أي شخص أساء للإسلام، ليس عن طريق الدعوة الى وضع الرقابة باسم التجديف ولكن باسم أقلية ضحايا "الإسلاموفوبيا". فالشكل يتغير ولكن الهدف يبقى نفسه. الا وهو إسكات أي انتقاد يمس الإسلام. فلجنة حقوق الإنسان الإسلامية، واحدة من هذه المنظمات الاسلاموية التي تحاول انتحال شخصية ما يعادل مسلمي منظمة العفو الدولية وتشارك طوعا في أي حدث مضاد للعنصرية أو العولمة البديلة، فهي تعَرِّف "الإسلاموفوبيا" بأنها "اختراق لحقوق الله ". وفي رأيها، فالضحايا الرئيسيين للإسلاموفوبيا هم الطالبان و المضادين للاسلام الرئيسين هم سلمان رشدي  وتسليمة نسرين. 

هذه الخدعة دلالية – الهدف منها ، تمرير طلب الرقابة الأصولية في قالب المناهضة العنصرية واعتبار المرتدين مناصرين للعنصرية - تشبه الى حد كبير تصوُّر تزامن مع تصور الشبكات المسيحية اليمينية المتطرفة بقيادة برنارد أنتوني  ، الذي انتخب زعيم الجبهة الوطنية ورئيس الجمعية العامة لاحترام الهوية الفرنسية. بعد إجراء حملة ضد "الإغراء الأخير للمسيح"

  لمارتن سكورسيزي، أدرك أنه سيكون أكثر فعالية إذا ما قدم شكوى مفادها "العنصرية المضادة للمسيحية "، ضد أي رسم أو مُلصقة تسيئ الى الإيمان المسيحي. وهذا التلميح، في كثير من الأحيان يعني بالأخص مجلة شارلي إبدو. إلا أن على قدر تفهُّمِ ووعي كل اليسار المناهض للعنصرية بالفخ المنصوب من عبارة "العنصرية المعادية للمسيحية" او كريستيانوفوبيا، على قدر تمزُّقِ كيانه بسبب كلمة "إسلاموفوبيا". إذ في غالب الاحيان يستخدمها البعض، أكثر في نضالهم ضد تشويه الأديان على أن يستخدمونها ضد العنصرية. فغمر الارتباك جيل الشباب. فوفقا لاستطلاع الرأي، نُشر في فترة موازية لمحاكمة الرسوم التي صدرت في حق محمد في لا كروا، ثلاثة أرباع الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18و 25 عاما، يعتقدون أن الضحك على الدين علَنا هو فِعل عنصري. يبدو أن الجيل الجديد لا يستطيع التفريق بين النقد الوجودي هدفه التقليل من شأن فئة من الأفراد، وإنتقاد الإيديولوجية أو الدين.

البعض يستخدم كلمة "الإسلاموفوبيا"، كما تستخدم كلمة "الجنسية المثلية"، دون أن يرى أن هناك فارقا دلاليا مهما. فالمثلية الجنسية ليست منظومة فكرية أو دين ولكن توجُّه جنسي. فمن الصعب ان يكون احد ضد المثلية دون أن يكون ضد المثليون جنسيا. هذا التلميح، المقتبس من قاموس الأمراض العقلية، والمناهض للعنصرية ضد الناس لما هُم عليه، غير مناسبة لخوض النقاشات حول الإسلام، الذي بدوره قد لا يشكل منظومة قيم يمكن اعتبارها قابلة لانتقاد تحت طائلة إغلاق الباب أمام أي انتقادات أو أي دفاع عن العلمانية.

وهذا ما يطمح اليه بطريقة شبه مكشوفة كتاب يسمى "الإسلاموفوبيا الجديدة" الذي ظهر في سنة  تحت ريشة فانسان كيسيير  ، وهو باحث في CNRS ذو شعبية كبيرة في الدوائر الأصولية. وقال انه يعترف برغبته  التنديد بالدياناتفوبيا  وخصوصا الاسلامفوبيا ، ويعني بذلك الخوف من الإسلاميين وليس فقط من المسلمين، مما يسمح له تصنيف واعتبار كل صحفي مناصر للحركة النسوية اوعلماني، أو حتى عميد مسجد باريس أوإيس او إيس عنصرية
 مناهض للإسلام. وقد عرف هذا الكتاب بعض النجاح من خلال إعطاء الشعور لتلبية رغبة الإجابة على كتاب آخر لبيير أندريه تاكييف  ، "اليهوديتفوبيا الجديدة" La  ، والذي قد يشكِّل البناء الدلالي للفظ نفس المشاكل تقريبا. ولكن في نطاق آخر. لأنه اليوم، ففي وقت لا يتجاوز بضعة أسابيع، وباسم رفض الإسلاموفوبيا حظَّر مجلس منظمات حقوق الإنسان في مجمع الأمم المتحدة، حظَّر من أي انتقاد قد يوجَّه الى الدين ، حتى وإن كان لشجب وإدانة الجرائم التي ارتكبت او تُرتكب ضد المرأة، أو المثليين جنسيا أو الأقليات الدينية الأخرى.

وإن كان هذا الامر يعني شيء فهو يعني أن هناك حاجة ملحة لوقف استخدام كلمة "الاسلاموفوبيا " وذلك للتعلم من جديد، التنديد بالعنصرية ضد المسلمين، دون لعب لعبة الأصوليين.

كارولين فوريست في كتابها "عندما يتحلى اليسار بالشجاعة"
"QUAND LA GAUCHE A DU COURAGE"

فخ مصطلح "الإسلاموفوبيا"
Le piège du mot « islamophobie »

فرنسا الثقافة، 11 يوليو 2008