الجمعة، 19 سبتمبر 2003

العلمانية على محك الأصوليات اليهودية والمسيحية والإسلامية





التوحيدية الثلاث ومهما تنافست فيما بينها في ادعاء التمثيل الأحقّ للقانون الإلهي، فإنها لا تتوانى ثلاثتها عن تحييد خلافاتها لتتآزر وتتعاضد في مواجهة العلمانية والديمقراطية لأنهما تأخذان بالقانون البشري.

سيبين لنا هذا الكتاب، الذي يرصد الحركات الأصولية في المشرق وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ، كيف تؤدي الأصوليات الثلاث الخدمة لبعضها بعضاً سواء عن تخطيط متعمَّد أو بصورة تلقائية نتيجة لتلاقي مصالحها، وكيف تعتمد جميع الحركات الإيديولوجية واللاهوتية والسياسية التي تنتمي إليها أساليب متماثلة في العنف والأذية عندما تستشعر أي خسارة أو هزيمة مهما صغرت. والتكتيك الذي تتبعه هذه الحركات جميعاً هو السعي إلى خلق أجواء من التوتر والفوضى في كل الساحات لإثارة الخوف والرهبة في نفوس الأفراد، إدراكاً منها أن الخوف يدفع دوما بالأفراد إلى التعصب وإقصاء العقلانية، مما يتيح لقادة هذه الحركات فرض إرادتهم ووصايتهم على جماهير واسعة.

ولئن لم يعد من خيار أمام الأصوليين اليهود والمسيحيين سوى خوض معاركهم في مواجهة العلمانية من موقع دفاعي، فإن الأصولية الإسلامية، التي استفادت على مدى عقود من التمويل النفطي وتحولت إلى إيديولوجيا سائدة، تميد الآن انتصارا بعد انكسار النهضة في البلدان التي تدين بالإسلام، وخاصة العربية منها، وبعدما تمكنت من شق الصف العلماني ليتشكل فريق جديد يأخذ بالعلمانية الرخوة في محاولة لكسب رضى الإسلامويين. وتَعتبر مؤلفتا هذا الكتاب أن الحاجة ماسة الآن إلى بناء حركة علمانية عابرة للثقافات وقادرة على تفكيك الحلف غير المقدس الذي جمع في العقود الأخيرة بين الناشطين تحت لواء المقدس في عدائهم المشترك للعلمانية والعلمانيين.